قد يسبب ما
سوف أقوله صدمة للبعض في مجتمعنا، لكن التحرش الجنسي سلوك غير مرحب به في
جميع المجتمعات والثقافات والأديان والتوجهات الفكرية، وليس فقط لدى
السعوديين أو المسلمين. في الحقيقة يعتبر التحرش الجنسي جريمة في غالب دول
العالم، حتى في الدول التي تكفل الحريه في السلوكيات الجنسية. التحرش
الجنسي مشكلة لا أحد يستطيع إنكار انتشارها ولا خطورتها ولكنها حتى الآن في
القانون في السعودية لم ترتقي لمستوى الجريمة التي يتوجب عقاب مرتكبها!
العقل يقول لا يوجد أي سبب ديني أو أخلاقي يبرر التحرش الجنسي بأي
شخص، مهما كان مظهره الخارجي، إلا أنه وللأسف لدى البعض يعتبر التحرش أو
التهديد به "تحرش فيها عشان تتأدب" دليل على الأخلاق العالية
والغيرة الدينية!. قد يكون ذلك عائد إلى الخطاب الديني، وهو أيضاً أحد
أسباب انتشار التحرش بحصره أولاً على النساء، ثم تصوير المرأة الطاهرة
العفيفة بشكل واحد مع تحريضة بشدة على أي أنثى تتمرد على هذا المظهر الموحد
المثالي في نظرهم، ليصبح تدريجياً إظهار اليدين والعينين من المثيرات
الجنسية، وليتحول كشف الوجه إلى جريمة أخلاقية من ترتكبها هي مجرد
راغبة لا عفه لها ولا شرف يقدم عرضها قربان لأصحاب الغرائز والأخلاق
الحيوانية. فيكون التحرش بها وسيلة تأديبية. السبب الآخر في استفحال
التحرش وما اعتبره شخصياً جريمة تفوق جريمة التحرش نفسها هو السكوت عن التعرض
للتحرش، لأنها و بكل بساطة تسمح للمتحرش بتكرار جريمته مع الضحية أو عدة
ضحايا بدون رادع.
الآن لتصحيح المفاهيم
فقط ولنضعها "على بلاطة" التحرش الجنسي لا ينحصر على النساء
فقط، ولا بحدث بين السعوديين فقط، جميع الناس بجميع الأعمار والطوائف في جميع
انحاء العالم نساء ورجال أطفال وبالغين سعوديين وأجانب سائقين وعاملات في
المنازل يتأثرون بالتحرش الجنسي ومعرضون له في أي وقت. تجاهل هذا الواقع
وحصره بين البالغين من السعوديين لمعارضة قانون يجرم هذا التعدى مجرد غباء لا
محدود!. هذا
الغباء سجله التاريخ بقيام فئة مؤثرة في المجتمع بالإعتراض على قانون يجرم
التحرش خوفاً من اتخاذه عذر للاختلاط بين حاملين الجنسية السعودية داخل أماكن
العمل متجاهلين تماماً اختلاطهم أصلاً في الأماكن العامة وداخل البيوت.
المعارضين للقانون يضربون أمثله عدم جدوى القوانين في الغرب لأنها لم تمنع
التحرش نهائياً. نعلم ان القوانين المجرمة للتحرش وحدها لا تكفي لوقف الفعل
لكن لا يعني ذلك الغاءها تماماً بل يجب تدعيمها بالمراقبة والمتابعة والتوعية
مع زرع الوازع الأخلاقي منذ الصغر وتعزيزه بإستمرار لنضمن فاعليتها. وجود
قانون يجرم السرقة حتماً لا يعني ان ننام و بيوتنا مفتوحة مع نثر مقتنياتنا في كل
مكان، كما ان استمرار السرقات بوجود القانون لا يعني الغاءه. والقول ان
الحل الوحيد لتجنب السرقة هي منع الناس من الخروج من منازلهم هو حل متطرف
فاشل معطل للحياة إلا في حالة واحدة إذا كنا نعيش في غابة. وهذا ما ينطبق على
التحرش أيضاً.
المجتمع حالياً في أمس الحاجة إلى محاربة التحرش و كل ما نحتاج اليه هو بناء قاعدة
ثقافية قانونية حامية تقوم على :
• وضع سياسات قوية مكتوبة تحدد
حرفياً السلوكيات المحظورة والعقوبات المفروضة على مرتكبها بوضوح مع
تطبيقها بلا استثناء ونشرها على نطاق واسع على المقيمين والوافدين.
• تفعيل اجراءات تظلم فعالة تحدد بوضوح الخطوات
التي يجب اتخاذها لتقديم شكوى عند التعرض للتحرش مع وضع الحلول القانونية
والمساعدات النفسية والدعم المعنوي للمشتكي.
• إنشاء قنوات مجانية للابلاغ عن التحرش مع سرعة
التحقيق من الشكوى و توفير استشارات قانونية عند التبليغ الرسمي أو لمجرد
التوجية.
• اعداد برامج توعوية فعالة للطلاب والموظفين من
الجنسين وللأسرة بجميع أفرادها للتعريف بالتحرش وتفسير أشكاله ومواجهته
والاعتراف به وكيفية تفاديه وإضافتها للمناهج المدرسية والأهم آلية التعامل
مع المتحرش به و المتحرش سواء كان من أحد أفراد الأسرة أو من خارجها.
متأكدة ان هذه الخطوات بجانب
تعزيز الوقاية الدينية بالإلتزام بالحشمة وغض البصر سوف تكون فعالة أكثر من
الحلول الفاشلة المتخذه حالياً بتقسيم المجتمع و عزل أفراده مع عدم تجريم
المتحرش حتى يكتشف صدفه وهو يهتك عرضاً. مما أجر الضحايا على حبس أنفسهم بينما
يتمتع المتحرشين بالحرية.
هتون الرشيد @_Hutoon
أعيد نشرها من مدونة سو وَت ... !!
وضع سياسات قوية مكتوبة تحدد حرفياً السلوكيات المحظورة والعقوبات المفروضة على مرتكبها بوضوح مع تطبيقها بلا استثناء ونشرها على نطاق واسع على المقيمين والوافدين.
ReplyDeleteتوضع على الكل وليس الوافد والمقيم فقط لماذا لانبدأ العلاج من انفسنا ومن داخل مجتمعنا بل نضعه على الغير ذحتى اذا اتى الوافد اوالمقيم ووجد نظام البلد اوالمنطقة لا يسمح او يشد بالعقوبات على من يفعل مثل هذه الافعال الغير اخلاقي يمتثل غصبا عنه لأوامر المنطقة والا سيواجه اشد العقوبات
وشكرا